أنظرُ من النافذة في منتصف الطريق خلال رحلة بسيارة الأجرة إلى مكاتب وأستوديوهات إذاعة (بي بي سي) على طريق (هولي رود). كنتُ أعملُ مترجمة فوريّة للغة العربية، في ذلك الوقت، ودعاني منتجٌ في (بي بي سي) لإجراء ترجمة شفوية، لرجل سوريّ جاء إلى المملكة المتحدة بحثًا عن ملجأ، وهو الآن يشارك قصته في حلقة من مسلسل حكاية ما انحكت The Untold على راديو (بي بي سي 4). شعرت بالقلق من هذا اللقاء: حذّروني بأن هذه القصة هي قصة مؤلمة، خاصة بالنسبة إلى سيدة سوريّة مثلي. السفر، أيضًا، يجعلني قلقة، وبدأتُ تدوين ملاحظات ذهنية حول أفضل السبل للإبحار حول عبارات استجواب السائق. بعد أن أبدينا إعجابنا بالطقس الإسكتلندي، اتخذت المحادثة الآن منعطفًا غير متوقع. كوني لا أبدو إسكتلندية، أراد سائق السيارة (تاكسي) الخاص بي أن يعرف من أين أتيت. وقبل أن أبدأ الإجابة، قال بلهجة تأكيد: “لا شكّ في أنك إسبانية أو إيطالية”. فسألته: “كيف يمكنك أن تكون متأكدًا جدًا؟”، فأجاب بفخر: “أنت تتحدثين الإنجليزية جيدًا، لكن لديك مظاهر إسبانية”. لقد وجدتُ ثقته المتعالية مضحكة، لكني لم أستطع الانتظار لأثبتَ له خطأه، فقلت: “لستُ إسبانية، لكني قريبة من إسبانيا، من مناطق البحر الأبيض المتوسط. أنا سُوريّة”. ما قاله السائق بعد ذلك كان غير متوقع على الإطلاق: “لكن لا يبدو عليكِ أنّكِ سُوريّة!!“.
ثم علمتُ أنني كنتُ أوّلَ سورية يقابلها على الإطلاق، بصرف النظر عن السوريين الذين قرأ عنهم في وسائل الإعلام أو شاهدهم في الأخبار.
هذه الورقة عبارة عن مادة شخصية، تهدف أيضًا إلى الاستفادة من البحث الأكاديمي، باستخدام رؤى من الخطابات الحالية حول الهجرة، لطرح أسئلة حول تجربة المهاجرين واللاجئين عن الاعتداءات الدقيقة اليومية، واستيعاب أشكال السرديات الاستعمارية (الكولونيالية). باستخدام مقاربة تأملية مليئة بالتجربة والذاكرة، تعتمد الورقة على تجربتي الشخصية المباشرة مع الهجرة، وعلى وجه الخصوص، التعليقات التي سمعتها خلال فترة وجودي في المملكة المتحدة، والمناقشات والأفكار التي تلت ذلك، وبحثي المستمر. لا أدعي تقديم إجابات: سينصبّ التركيز الرئيس على استمرار المحادثة، بالانخراط في المناقشات الحالية (أو عدم وجودها) حول الهجرة، وذلك من خلال وضع هذه الورقة في تلك المساحة التي تنفتح عندما ينحرف البحث عن التفكير الثنائي وثنائيات الصواب والخطأ. إن كتابة هذا أيضًا يتناول التنفيس؛ إنه شكل من أشكال العلاج الذي يسمح بمعالجة المشاعر ومشاركتها وإخراجها، وتحويلها إلى عناصر يمكن فحصها بشكل أكثر عقلانية، مقابل مجموعة الأدبيات. في كتابة هذا المقال، أردّد صدى مشاعر توني موريسون: “نحن نتحدّث، نكتب، نصنع لغة.. وهكذا تلتئم الحضارات” (Morrison, 2015). باتباع هذا المنطق، تصبح الكتابة بالنسبة إلى الأشخاص في الشتات شكلًا من أشكال العلاج والشفاء، وطريقة للبقاء على تواصل وكسر حاجز الصمت. على نطاق أوسع، إنّ معرفة العالَم “بالمهاجرين” و”العابرين للحدود”، كما يصرّح بهابها Bhabha (1994, p. 306) بشكل مباشر، لا تزال ضروريةً جدًا؛ ولذلك فإنّ هذه المادة هي أيضًا شكل من أشكال الفاعلية، وهي أغنية لكل تلك الأصوات/ الآراء النازحة.
في إثارة موضوعات من لقائي بالصدفة مع سائق السيارة الإسكتلندي، أتأمل واضعة نفسي في مكان المهاجر في المحادثات اليومية، وفي خطابات الهجرة. وبذلك، تصبح سيارة الأجرة صورة مصغرة للمدينة والبلد الذي عشتُ فيه الآن لمدة 14 عامًا، في ظلّ هويات مختلفة، ولكنها مترابطة: طالبة، وأكاديمية، وأم، ومهاجرة، ولاجئة، ومواطنة. من خلال تأطير هذه المادة، عبر سرد شخصي، فإن هدفي هو إضفاء معنى الهجرة الحقيقية في الهجرة، بما يتجاوز “مقاربات غير أصيلة/ متميزة” (Gupte and Mehta, 2007) وحدود “الصنمية/ الفتشية التصنيفية” (Apostolova, 2015; Crawley and Skleparis, 2018). أنا أجادل ضد تجانس رواية المهاجرين وخبراتهم، لصالح “السياق التاريخي” الذي يبدو أنه مفقود في دراسات الهجرة واللاجئين (Bhambra, 2017). مثل هذا السياق يستدعي تفسيرًا لفهم متعدد الجوانب للتسلسلات العرقية والتاريخ الاستعماري. صرّح غروسفوغويل وآخرون (2015, p. 636) بأن “جزءًا من المشكلة هو كيف ركّزت نظرية الهجرة، مع استثناءات قليلة، على التنقّل البشري عبر الحدود، وقللّت من أهمية العرق والعنصرية في عمليات دمج المهاجرين”. وهذا يستلزم دراسة عن كثب للتجربة المهمشة التي تركز على “نسيج حياتهم اليومية وروتينها، لأن التهميش غالبًا ما يكون محسوسًا ومختبرًا على المستوى العادي: الأكل والغسيل والسفر والتواصل الاجتماعي” (Mayblin et al, 2020, p. 108). بكلمات أخرى: هذه دعوة لفهم “كيف تؤثر المفاهيم الهرمية لقيمة الإنسان في الحياة اليومية” ((ibid., p. 108) والحاجة إلى تبني آفاق وأطر جديدة، عندما نتحدث عن الهجرة.
بالعودة إلى تلك المحادثة القصيرة في السيارة، نلاحظ أن فكرة السائق المسبقة، عن الشكل الذي يجب أن يبدو عليه الشخص السوري، هي تذكير صارخ بدراسة إدوارد سعيد لظاهرة الاستشراق، إذ عرّفها بأنها “الاتساق الداخلي للاستشراق وأفكاره التي أتى بها عن الشرق […] بغض النظر عن أي صدق أو كذب في تصوير الشرق الحقيقي” (Said, 2003, p. 5). هنا، كنت امرأة سورية في الجسد، “شرقية حقيقية”، قاومها الرجل لعدم امتثالها لتوقعاته وافتراضاته حول الشكل الذي يجب أن يبدو عليه “السوري النموذجي”. وقد أوضحَ ذلك بعيدًا بالقول إنه يعتقد أن جميع النساء السوريات يرتدين الحجاب، ويؤكد، بإصرار شديد، أنه لا بد أنني توقفت عن ارتدائه، بعد “تحرّري” في المملكة المتحدة أو من قبلها. لقد كان مغرورًا جدًا. وها أنا ذا، مرة أخرى، “أتلقى تعليمات […] بطرق الغرب الحديث” (Said, 2003: 86). مثلي مثل الشرق، كنت مأسورة وجوديًا، وعُولجت ووصِفّتُ وحسِّنتُ وغُيِّرتُ جذريًا، تمامًا كما قصد سعيد (2003: 95). حقيقة أنني “تحدثت الإنجليزية بشكل جيد جدًا”، كما أشار السائق باستحسان، هو ما يعفيني عن كوني الآخر، ولو للحظات فقط. لا أعرف السبب، لكن تم تذكيري على الفور بوسم ديفيد كاميرون الذي قدم 20 مليون جنيه إسترليني لمساعدة النساء المهاجرات واللاجئات والمسلمات، في تعلّم اللغة الإنجليزية، بخطاب مألوف للغاية للالتزام بالقيم البريطانية، وهي وجهة نظر تتوقع من الآخر أن يسعى بجدٍ نحو مستوى “أصلي” للمعيشة والصيرورة والوجود. ملأني التلميح الصارخ بأنني كسبت مكاني في هذا البلد، بدافع مفاجئ وقوي لإثبات جدارتي، وأنني كنت مهاجرة “جيدة وآمنة” (See Bhabha, 1994; Shukla, 2016)، من خلال سرد إنجازاتي. أردت أن أتحدث عن امتيازي، هذا الامتياز ليس بياض البشرة فقط، وأنني، في كثير من الطرق الأخرى غير الغربية، كنت محظوظة أيضًا. أردتُ أن أتحدّث عن تعليمي، وحياتي المهنية، وحياتي، لكنني لم أفعل. لقد قاومت ذلك، مع العلم أن الخضوع لهذا الضغط كان يعني القول إن المهاجرين واللاجئين السوريين الآخرين مثلي، الذين أصبحت بريطانيا الآن موطنهم، لا يمكنهم الحصول على مكانهم، إلا من خلال استعراض إنجازاتهم ليراها العالم. لم يكن لديّ ما أثبته لأي شخص؛ فإنجازاتي تخصّني وحدي.
في مقالٍ للروائية الأميركية الإيرانية، دينا نايري، كتبته لصحيفة الغارديان، قالت إنّ المركز الاستعماري يطلب الامتنان الأبدي من الآخر المهمّش، اللاجئ، وإن ما يجب على الآخر أن يفعله هو “ضبط أصواتهم وصقل قصصهم”، لأن العالم أكثر ضجرًا بدونهم، وإن حياة الشخص ليست استثمارًا سيئًا البتة، وليس هؤلاء دائنين يقفون على الباب، ولا يوجد دين لسداده. الآن، هناك ما تبقى من الحياة، القصص المتبقية لخلقها، كل الأيام الفوضوية والجشعة والعادية التي يجب تبديدها”(Nayeri, 2017). وهكذا، في عمل تمردي، بدأت أخبره عن سورية التي لم يعرفها أو التي اختار ألا يعرفها.
كان واضحًا لي أن أسئلة السائق أوضحت تفكيرًا غارقًا في القيم الاستعمارية، وكيف أن الأشكال الغربية للمعرفة والخطاب تحلّ محلّ ما هو غير غربيّ، وتهمّشه افتراضيًا. فهل كان يدركَ ذلك؟ هل سبق له أن درس الأعراق في المدرسة أو في المنزل؟ أدركت أن ردودي كانت حذرة ومحسوبة، متجاهلة استحقاقه المتعالي لإرضاء “الصنمية التصنيفية” التي تغلغلت في السياسات والخطابات الأوروبية والبريطانية حول أزمة الهجرة. كانت محاولاته لتصنيفي لا تدع لي فرصة، وظهر ذلك بوضوح في سؤال آخر له: “هل أتيتِ إلى المملكة المتحدة قبل الحرب أم بعدها؟”، وأضاف: “بحسب ما أرى؛ أنتِ لستِ لاجئة”. إن استخدام التصنيفين (لاجئ) و (مهاجر)، للتمييز بين أولئك المتنقلين وشرعية مطالباتهم بالحماية الدولية أو غير ذلك، قد ظهر بقوة خلال “أزمة الهجرة” في أوروبا، وقد استُخدم لتبرير سياسات “الإقصاء والاحتواء” (Crawley and Skleparis, 2018, p. 48). إن كلمات الناس تظلّ ترافقنا، ويمكن أن تعبّر عن نفسها في رواياتنا وخطاباتنا الداخلية؛ ويمكن أن تصبح إطارات مرجعية نستخدمها لتعريف أنفسنا. أتذكر أنّي بعد ذلك صرتُ أضيف -من دون وعي- عبارة “جئتُ قبل الحرب”، إلى أي بيانٍ أدلي به حول “حالتي” وحياتي في المملكة المتحدة، وهو تصنيف ثنائي آخر لتجربتي يسعى إلى تصنيفي، ومشاهدة “ماذا” يحدث من فرق “بين الحالتين” […] مع أنه غير منطقي إلى حدّ بعيد” ((ibid., p. 55).
كيف يمكن لسائق سيارة الأجرة أن يميّز هذا التمييز من دون عناء، كما لو أن فئتي اللاجئين وغير اللاجئين تشمل كل هؤلاء “المبتلين” بالآخرين؟ كيف يمكنه أن يفعل ذلك بمثل هذه السهولة، بمثل هذه الاقتناع، وأنا لا أزال في طور التفاوض على هويتي وإيجاد مكاني في العالم؟! من المسؤول عن غرس هذه الأطر المرجعية التقييدية الوحشية؟ ربما تكون هذه أسئلة يجب على علماء الهجرة وما بعد الاستعمار (الكولونيالية) التفكير فيها. بينما كانت سيارة الأجرة تجوب شوارع إدنبرة في ذلك المساء، مرددة صدى ضوضاء شوارعها المرصوفة بالحصى، فكّرت كيف أنّ حركتي عبر الحدود كانت مختلفة عن حركته: كانت حركتي هي الهجرة، وكانت حركته هي الحركية!
قبل وصولي إلى وجهتي، سألني: “هل ترغبين في العودة إلى الوطن؟”، ووددتُ أن أقول: ولكن أين الوطن؟ وما هو الوطن؟ بدا وكأنه سؤال حسن النية. لكن حزنًا عميقًا خيّم عليّ. كان السؤال يوحي بشكل متعال إلى قناعة المتحدث بأن وجودي الآن هنا -في إسكتلندا- ليس وجودًا في وطني، ولكنه مكان مؤقت لا يمكنني العودة منه. هذه مشكلة، ليس فقط بسبب العدوان الدقيق الكامن والقوة الاختزالية لهذه الكلمات. ما الذي يجعل موضوع العودة أكثر جدارة بالمحادثة من موضوع الوجود هنا، والآن؟ لماذا نناقش ما يذكّرنا بـ “محنتنا” و “خسارتنا”، بدلًا من مناقشة ما الذي يجعلنا “أقوياء” وقادرين على إنتاج الوطن من جديد؟ لماذا التركيز على ألم الوجود في الشتات، في حين يُمكننا -النازحين والموجودين هنا بإرادتهم مثلي- الاحتفاءُ بإنجازات حياتنا اليومية؟
تُلقي تايلور (2015) ضوءًا مفيدًا على مفهوم الوطن، وتشرح كيف يترافق الوطن بشعور معيّن من التعقيد عند أولئك الذين أُجبروا على الهجرة (أو على البقاء/ الإقامة الأيسر حالًا، كما في حالتي). ترى تايلور أن “الوطن المفقود والوطن الجديد في المنفى ليسا كيانات منفصلة ثنائية التقسيم [..] ولكنهما جزءٌ من سلسلة متصلة” (Taylor, 2015, p. 2). فكيف يمكنني أن أشرح لسائق السيارة أن الوطن كان مفهومًا في حالة تغيّر مستمر؛ وأنه بالتأكيد ليس طوبًا (قرميدًا) وقذائف هاون، إنما هو صيرورة، وعمل مدى الحياة، للتوفيق بين الروابط بين الماضي والحاضر وكل تلك المسافات بينهما؟ كيف يمكنني أن أوضح أن الوطن غالبًا لا يكون أكثر من مجرد تجميع للقطع المحطمة معًا؟! كيف يمكنني أن أشرح له أنه من أجل العودة، يجب على المرء أن يصل إلى غاية، وأنني ما زلت في هذا الفضاء الحدودي في طور الوصول (Boersma & Schinkel, 2018)؟ أردتُ أن أوضح أنني كنت بعيدة عن الوطن، لكنني لم أتحرّر منه؛ وأنني، بالفعل، “فيّ الكثيرُ منه” (Massey, 1994, p. 172)؛ وأن وجودي هناك وهنا (Bhabha, H. in Kläger, 2017). قلتُ: إن فهم “الوطن” قد يبدأ بكونك في الوطن، وأن تكون بدونه، ولكنه بالتأكيد يتضمن بحثًا مستمرًا عن وطن مرة أخرى (Boccagni, 2017, p. 18). قلت له: “كُلّنا مهاجرون من الماضي، والوطن يعيش في الذاكرة، حيث نحبسه ونتظاهر بأنه لم يتغيّر” (Nayeri, 2019). ظلّ صامتًا بعض الوقت بعد ذلك. ودار في خَلَدِي أنه هو أيضًا كان يبحث عن وطن.
هذه المقالة عبارة عن مقتطف من ورقة إثنوغرافية ذاتية أطول، أكتبها حاليًا، تستكشف الطبيعة المعقدة لتجربة المهاجرين، وتعالج بعض المخاوف الموضحة هنا المتعلقة بالاعتماد الشديد على تصنيفات أبحاث الهجرة في فهم التجربة البشرية، وهي تصنيفات مقيدة، وغالبًا ما تكون خاطئة. يُعدّ فهم العرق أمرًا حيويًا في أي محادثة حول الهجرة، ويحتاج إلى مواجهة حاسمة ومتعمقة وواسعة النطاق، مع دراسات العرق ودراسات ما بعد الاستعمار (الكولونيالية). مثل هذا اللقاء/ الصدام يمكن تحويله إلى مفاهيم [وضع عناصر اللغة في سياق حقيقي وهادف بدلًا من معاملتها كعناصر لغة معزولة لممارسة التلاعب باللغة فقط. تحاول اللغة السياقية إعطاء قيمة تواصلية حقيقية للغة التي يلتقي بها المتعلمون] تاريخية، للأشكال الحالية للهيمنة والتهميش، والسيادة والمواطنة، والحركة وتدبير الوطن، وكذلك يوفر أطرًا نظرية وتحليلية بديلة، تبتعد عن المنهجيات الرسمية وتتبنى وجهات النظر التي تولي اهتمامًا متساويًا لأشكال سرديات الحياة اليومية والظنية. (Anderson, 2019). في دراسة الهجرة، على وجه الخصوص، يحتاج الباحثون إلى “التفكير مليًا في استخدام الفئات، والعملية التي يتم من خلالها إنشاء الحدود بينها” (Crawley and Skleparis, 2018, p. 50). ربّما، تمامًا مثل فكر ما بعد الاستعمار (الكولونيالية)، ما تحتاج إليه دراسات الهجرة هو “لغة عاطفية” جديدة، تمكنها من التقاط التجارب الحميمة للهجرة؛ لغة لا تحيّد القضايا الانفعالية بتحويلها إلى سياسة.
عند وصولي إلى وجهتي في ذلك المساء، وسمني سائقي بـ “الآخرين”، للمرة الأخيرة، قائلًا إنه سعيدٌ، لأنه التقى أخيرًا بـ “سوري حقيقي”، ولأنني بدوتُ كشخص محترم! فتبسّمْتُ لقوله، وأنا أغلق باب السيارة ورائي. لو أنه سألني عن اسمي وأحلامي، وعن خضرة أشجار الزيتون في الوطن، وزرقة البحر الأبيض المتوسط وغروب الشمس، وعن صخب الحياة اليومية؛ لكنّا أجرينا محادثة أكثر دفئًا ومعنًى عن الهجرة.
مركز حرمون للدراسات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق