عبد الكريم العمر
كرست احداث ما بعد انتفاضة نوفمبر 2019 الحقيقة التي انطلقت منها الرئيسة المنتخبة من المقاومة مريم رجوي، حين قالت ان “انتفاضة نوفمبر ليست نيزكاً عابراً، بل احد مظاهر الإرادة، التي ستستمر حتى إسقاط نظام ولاية الفقيه” فقد احتفظت دماء أكثر من 1500 شهيد ارتقوا خلال الانتفاضة بمفاعيلها على مدى السنوات الاربع الماضية، ولم تفتر ارادة الايرانيين.
بنت رجوي رؤيتها على معطيات الحدث، حيث سيطر الشعب الإيراني بقيادة أشجع نسائه ورجاله على النظام في غضون 48 ساعة، اثبت امكانية تدمير النظام بأكمله، واستعداده لدفع الثمن، واضطر قادة النظام ـ بدء من الولي الفقيه ومرورا بقياداته الادنى ـ للاقرار بسمتي النار والتنظيم اللتين ميزتا انتفاضة نوفمبر عن سابقاتها، واكدتا مواصلة طريق الثورة الديمقراطية.
اشار رحماني فضلي وزير الداخلية في ذلك الحين الى خلايا تضم ما بين 5 و6 أشخاص، معهم سيدة تدعو إلى الاحتجاج، بحوزتهم زجاجات مولوتوف وعبوات حارقة، وسرعان ما تحول الاحتجاج الاجتماعي إلى أوضاع أمنية، وأصبحت الشعارات عنيفة وتخريبية، واندلع 1076 حريق، ودمرت دراجات نارية، مشددا على وجود قيادات ورؤساء مجموعات.
أظهرت الاعترافات الضمنية لقادة النظام صحة استراتيجية وحدات المقاومة، التي تعتمد على الطريقة المتبعة على مدى 40 عاماً، و هي الرد على النار بالنار، فقد اضطر المدعون إلى تقديم الدعم اللفظي للمنتفضين المحكومين بالإعدام، وتجلت قوة الدفع والنموذج في التطورات اللاحقة، اندلاع الانتفاضة التالية بعد 3 سنوات من تحت رماد كورونا، وقول قائد المقاومة مسعود رجوي بان انتفاضة نوفمبر مستمرة وتتوسع وتتعمق، ومدعومة بالمقاومة المنظمة، مشيرا الى عجز النظام عن توفير الحلول والمخارج.
هزت انتفاضة 2022 التي جاءت تستكمل انتفاضة نوفمبر الأرض مرة أخرى تحت أقدام الملالي الحاكمين، حيث اعادت وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة الفعل المنتفض إلى الواجهة في حملتين وطنيتين؛ الأولى في سبتمبر مع 414 سلسلة من العمليات النارية، والثانية عند احياء ذكرى انتفاضة نوفمبر بسلسلة من العمليات الخارقة لأجواء الكبت في مدن مختلفة من البلاد، وتجديد العهد لشهداء تلك الانتفاضة العظيمة.
كانت انتفاضة 2017 مؤشرا على نضج وعي الشعب الإيراني وإعلان انتهاء لعبة “الإصلاحية” و”الأصولية” داخل النظام، وتبعتها انتفاضة نوفمبر الكبرى في 2019 لتدلل على اكتمال استراتيجية وحدات المقاومة لإسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه وتؤكد أن الرد الوحيد على الملالي المجرمين هو “النار على النار”.
تم اختبار استراتيجية جيش التحرير في مراكز وأحياء ومدن الانتفاضة، وحقق الشعب الإيراني والمقاومة قفزة هائلة لا رجعة فيها بثمن باهظ من الدماء، ليثبت مرة أخرى أن هذا النظام لا يفهم إلا لغة القوة والحسم والإصرار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق