عبد الكريم العمر
وصف وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، في مقابلة مع الأناضول، تركيا بـ"الصديق القوي والمهم"، معربا عن أمله أن تنجح في إعادة روسيا إلى طاولة المفاوضات لتمديد اتفاقية نقل الحبوب الأوكرانية عبر الممر الإنساني في البحر الأسود.
وفي 17 يوليو/ تموز الجاري، رفضت موسكو تمديد الاتفاقية، إلا في حال تنفيذ الجزء الخاص فيها بالسماح بتصدير الحبوب والأسمدة الروسية، وهي منتجات تعتبرها موسكو مهمة لسلسلة الغذاء العالمية، لكن تعوق العقوبات الغربية تصديرها.
وأثار الرفض الروسي تحذيرات من التداعيات على حياة مئات الملايين من البشر، لاسيما في الدول النامية، إلى جانب انتقادات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، بينما دعت الصين إلى استمرار اتفاق الحبوب "بشكل متوازن ومنفذ بالكامل".
وعلى الرغم من هذا الرفض، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين: "أعتقد أن صديقي السيد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يريد الاستمرار في الاتفاقية"، مضيفا أنهما سيناقشان قضايا عديدة خلال زيارة بوتين إلى أنقرة في أغسطس/ آب المقبل.
وقال كليفرلي: "آمل حقا أن يتمكن الرئيس أردوغان من إقناع موسكو بأهمية مبادرة حبوب البحر الأسود، والمساعدة في انتشال الناس من الجوع، وخفض أسعار الحبوب العالمية".
وأكد أن الرئيس أردوغان قام بعمل "مهم للغاية"، حيث لعب دورا أساسيا، بالتعاون مع الأمم المتحدة، في التوصل إلى مبادرة نقل الحبوب الأوكرانية.
وفي يوليو/تموز 2022 وقَّعت تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا في إسطنبول اتفاقية لاستئناف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، للمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية، إثر توقف الصادرات مؤقتا بعد أن بدأت روسيا حربا في جارتها أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022.
وجرى تمديد الاتفاقية أكثر من مرة، وسمحت لثلاثة موانئ أوكرانية بتصدير 33 مليون طن متري من الحبوب ومواد غذائية أخرى إلى العالم عبر ممر إنساني في البحر الأسود، منذ تحرك أول سفينة في الأول من أغسطس/ آب 2022.
وساهمت الاتفاقية في كبح جماح الأسعار المتصاعدة، وتخفيف أزمة الغذاء العالمية بفضل استئناف صادرات أوكرانيا من القمح والشعير وزيت عباد الشمس والأسمدة، خاصة وأن أوكرانيا أحد أكبر مصدري الحبوب في العالم.
واتهم كليفرلي روسيا باستخدام الجوع في أنحاء العالم للضغط السياسي، مضيفا أن "الكرة في ملعب روسيا إلى حد كبير، وندعوها للمشاركة في هذه المبادرة".
وشدد في الوقت نفسه على أن الحكومة البريطانية ستواصل تقديم الدعم لأوكرانيا حتى انسحاب آخر القوات الروسية من أراضيها.
وتبرر موسكو حربها في أوكرانيا بأن خطط جارتها للانضمام إلى "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
الهجرة.. تحدٍ مشترك
بينما تشير تقارير إعلامية بريطانية إلى أن المملكة المتحدة تسعى إلى إبرام اتفاق مع تركيا بشأن إدارة تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء، لم يؤكد كليفرلي ما إذا كان مثل هذا الاتفاق مطروحا في الوقت الحالي.
وقال: "أجريت محادثة بهذا الخصوص مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وأجرى رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك محادثة أيضا مع الرئيس أردوغان، وسنواصل إجراء محادثات لبحث سبل التعامل مع أزمة الهجرة باعتبارها تحدٍ مشترك".
ومشيدا بسلوك أنقرة تجاه اللاجئين، قال كليفرلي: "ندرك أن تركيا لديها عدد كبير من المهاجرين، وكانت سخية للغاية في استضافة اللاجئين والمهاجرين الدوليين".
وتابع: "لذلك، فهذه مشكلة مشتركة تواجهها العديد من البلدان، وبسبب الطبيعة الدولية للأزمة، لن تتمكن دولة بمفردها من حلها".
اتفاقية تجارة موسعة
وبالنسبة للمحادثات بشأن إبرام اتفاقية تجارة حرة جديدة بين أنقرة ولندن، قال كليفرلي إن "الحكومة البريطانية تود الحصول على هذه الاتفاقية في أقرب وقت ممكن".
وبعد محادثات هاتفية بين وزيرة الأعمال والتجارة البريطاني كيمي بادنوش ونظيرها التركي عمر بولاط، قالت الحكومة البريطانية، في بيان الثلاثاء، إن الجانبين يجريان محادثات حول اتفاقية تجارة حرة حديثة.
وأوضحت أن اتفاقية التجارة الحرة الحالية، الموقعة في ديسمبر/كانون الأول 2020، لا تغطي مجالات رئيسية مثل الخدمات والرقمية والبيانات، بينما الاتفاقية الموسعة المرتقبة ستعزز التجارة الثنائية وتزيد فرص الشركات البريطانية.
فيما قالت وزارة التجارة التركية، في بيان، إن "الجهود المبذولة لتحقيق هذه الغاية بدأت العام الماضي، حيث خلص الشريكان إلى أنه ستكون هناك قيمة مضافة في توسيع وتعميق العلاقة التجارية".
وشدد كليفرلي على أن بلاده تعتبر تركيا "صديقا قويا ومهما.. اقتصاد تركيا مهم، وبالطبع نود القيام بمزيد من التجارة مع أصدقائنا الأتراك".
أفعال بشار الأسد
وبخصوص تطبيع العديد من الدول العربية علاقاتها مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، قال كليفرلي إن "بلاده لها موقفها الخاص في هذا الشأن، إلا أنها تحترم قرار الدول العربية".
وفي 19 مايو/ أيار الماضي، شارك الأسد في القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية، للمرة الأولى منذ أن جمدت الجامعة في 2011 مقعد دمشق، ردا على قمع الأسد لاحتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، مما زج بسوريا في حرب أهلية مدمرة.
وشدد كليفرلي على أنه "إذا كان بشار الأسد جادا، فعليه إثبات ذلك من خلال العمل، وتوفير الأمان في سوريا حتى يتمكن اللاجئون السوريون من العودة إلى ديارهم.. يجب عليه أن يضمن سلامتهم".
كما أنه "يجب على الأسد أن يعمل مع المجتمع الدولي لتسهيل مرور شحنات المساعدات عبر الحدود، وبالتالي سيتم الحكم عليه بناءً على أفعاله"، وفقا لما ختم به كليفرلي حديثه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق