في بيان صدر عن البيت الأبيض أشار أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيعقد “قمة من أجل الديمقراطية” تضم رؤساء دول وممثلين عن المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني.
وستعمل القمة الافتراضية على تحفيز الالتزامات والمبادرات عبر ثلاثة محاور رئيسية هي: الدفاع ضد الاستبداد، ومكافحة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الإنسان.
وهذه القمة سيكون مناسبا أن يتم من خلالها بحث النكبة السورية التي أسدل عليها ستار النسيان رغم المعاناة الشديدة التي يعاني منها الشعب السوري، في الداخل، وفي المناطق المحررة، وفي دول اللجوء. والنكبة السورية ترد على محاور بايدن الثلاثة: فالنظام يمارس الاستبداد، الفساد، وعدم احترام حقوق الإنسان.
إخفاء الجرائم وغياب التحقيق
ففي مسألة الاستبداد فإن النظام السوري يفاجئ العالم بمدى وحشية الاستبداد الذي يمارسه على السوريين.
وآخر صدمة، صدمت كل من شاهدها، هي كيف عمل النظام على إخفاء أثر المعذبين الذين قتلوا في سجونه بإحراق جثثهم بعد التنكيل بها.
والشريط المصور الذي يوثق إحدى هذه الحالات (قام ببثه موقع زمان الوصل) يظهر بوضوح ولا مجال للشك فيه، أن جنود النظام وميليشياته يمارسون إحراق جثث المعذبين بما يشبه “الهولوكوست”.
ووفقا للجنة تقصي الحقائق المعنية بالجمهورية العربية السورية، فقد تعرض الآلاف للتعذيب أو العنف الجنسي أو الموت في الأسر من قبل قوات النظام، وشبيحته، وميليشياته المستوردة. وأوضحت عضوة اللجنة كارين كونينغ أبو زيد، أنه على الرغم من غزارة الأدلة “المذهلة”، فإن جميع أطراف النزاع تقريبا “فشلت في التحقيق مع قواتها”.
وأضافت في بيان “يبدو أن التركيز ينصب على إخفاء الجرائم المرتكبة في مراكز الاحتجاز وليس التحقيق فيها”. وقد وثق المحققون انتهاكات وتجاوزات حدثت في الماضي وما زالت مستمرة خاصة بالاعتقال من قبل كل الأطراف الرئيسية التي تسيطر على الأراضي في سوريا منذ عام 2011. وأكد المحققون أن موجات الاعتقال التعسفي المختلفة ظلت ترتكب من قبل المكلفين الرئيسيين بالمسؤولية، بدءاً من الاعتقالات الجماعية للمتظاهرين في الأيام الأولى، إلى الاحتجازات الجماعية للرجال والنساء والأطفال في يومنا هذا.
أمنيستي انترناشيونال
في تقرير لأمنيستي انترناشيونال صادر في العام 2017 تقول فيه إن سجن صيدنايا هو المكان الذي يقتل النظام شعبه فيه. وتضيف أكثر من 13 ألف شخص أعدِموا شنقاً في صيدنايا، بين شهر سبتمبر/أيلول 2011 حتى شهر ديسمبر/كانون الأول 2015، وقُبيل الحكم عليهم بالإعدام، يواجه الضحايا، ما تسميه السلطات السورية، “بالمحاكمة” في محكمة الميدان العسكرية.
ففي الواقع، هذا إجراء يتم تنفيذه لمدة دقيقة أو دقيقتين، داخل مكتب وأمام ضابط عسكري، حيث يتم فعلياً تسجيل اسم المعتقل في سجل المحكومين عليهم بالإعدام.
وفي يوم تنفيذ عملية الإعدام، والذي يصفه حراس السجن بالـ”حفلة”، يتم اقتياد المحكوم عليهم بالإعدام من زنازينهم في فترة ما بعد الظهر. وتقوم السلطات بإبلاغ المعتقلين أنهم سينقلون إلى سجون مدنية، التي يعتقد كثيرون أنها تتمتع بظروف أفضل. ولكن، بدلاً من ذلك يُنقلون الى غرفة تقع في طابق سفلي من المبنى، حيث يتعرضون للضرب المبرح قبل اقتيادهم لغرف الإعدام، ثم يتم إحراق الجثث في أفران.
هيومن رايتس ووتش
وحسب آخر تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش فإن غالبية المعتقلين في سجون نظام بشار الأسد يعانون من سوء المعاملة والتعذيب وفي مراكز الاحتجاز.
فإن سجلاً أسود في حقوق الإنسان هو الأكثر مأساوية منذ الحرب العالمية الثانية، كما نالت بعض معتقلات نظام الأسد شهرة عالمية كسجن صيدنايا الذي وصف بالمسلخ البشري، كما أظهرت صور شهيرة سميت بتسريبات قيصر آلاف جثث المعتقلين، الذين لقوا حتفهم بسبب التعذيب ( 55 ألف صورة لأحد عشر معتقلا ماتوا تحت التعذيب).
وتذهب إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن أرقام المعتقلين تتخطى حاجز 220 ألفاً، بينهم تسعة آلاف طفل دون سن الـ18، وحوالي 4 آلاف و500 امرأة.
ووفقاً لمنظمات دولية فإن جنود نظام الأسد يتفننون في تعذيب سجنائهم بطرق أشد قساوة من السجون النازية، كما تمارس بحق المعتقلين طرق تعذيب نفسية، كتجميع عدد كبير من المعتقلين في زنزانة صغيرة كما أظهرت رسوم توضيحية نشرتها منظمة هيومن رايتس، إضافة إلى تجويع المعتقلين ومنعهم استعمال دورات المياه. وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن النظام السوري يواصل عمليات الاعتقال التعسفي، والإخفاء، ولا يزال قرابة 100 ألف سوري مخفيين قسرا.
حتى متى تبقى النكبة السورية في طي النسيان، وأكثر من مئة ألف معتقل يقبعون في سجون الأسد وأقبية مخابراته يتلقون أسوأ أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، ويعدمون في “حفلات” إعدام جماعية، لقد آن الأوان أن ينصف العالم السوريين، وينظر إلى هذه المأساة الإنسانية الكبرى، والقمة من أجل الديمقراطية المرتقبة خير مكان لطرحها إذا لم تدرج على جدول الأعمال، يا سيادة الرئيس جو بايدن.
القدس العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق